الثورة السورية الى اين ؟؟


لم يعد خافيا على احد ما تشهده الساحات العربية من حالات ثوران هي اقرب الى التمرد منها الى الثورة , وان كنت سأقول عنها تمرد في ليبيا واليمن وسوريا , لان ما يحدث ليس بثورة بل هو تمرد بكل ما يحوي المعنى على دلالة …

سنناقش بداية بعض الاحداث في الثورات العربية بما يبرز لنا جانب المؤامرة الموجود على الامة العربية بما لا يترك مجالا للشك لمعرفة ان ما نراه هو تمرد مدعوم من اطراف خارجية لغرض تحقيق مآرب وغايات في هذه البلدان التي تجري فيها حالات الفوضى هذه …
سأسلم جدلا ” وان كان لي اعتراضات على هذا الموضوع ” انا ماحدث في تونس ومصر هي ثورة شعبية نتيجة مطالب وحاجات يريدها الشعب هناك , لكن لنعد بالتاريخ قليلا الى تاريخ ثورة تونس ومصر , الم تحدث احتجاجات شعبية في الجزائر ؟ الجواب نعم … اذا لماذا لم تستمر ؟ الجواب هو ان السلطات استطاعت ان تحل هذه المشكلة وتلبي طلبات المحتجين , ولقد كانت الجزائر بحاجة لبعض الاصلاحات السياسية التي قامت الدولة بتنفيذها فور المطالبة بها , كما ان الجزائر لا توجد لدى الدول الغربية اطماع فيها , فهي من ناحية نفطية ليست بذاك الغنى , من ناحية تجارية علاقاتها متوازنة مع الغرب كله , لا يوجد فيها تطرف ديني كبير ” بعض الحالات القليلة التي استطاعت الدولة السيطرة عليها , كل هذه الامور وغيرها ساعدت على انتهاء الازمة سريعا في الجزائر .

فجأة انتقلت الثورة الى ليبيا , وكلنا نعرف تفاصيلها وكيف تم استصدار قرار من عصبة الامم والجمعية العربية ” وانا اعني ما اقول وليس خطأ ” , لكن لماذا ليبيا ؟
الشعب الليبي يتمتع بقوة اقتصادية وقدرة شرائية جيدة فهو ليس بحاجة الى اصلاحات اقتصادية مثل كثير من البلدان العربية , مدخوله مرتفع , والاصلاح السياسي لا يحتاجونه برأيي ” هذا مجرد رأي شخصي فقط ” فهم شعب اقرب منه الى البداوة من المدنية , وما زالت عقلية شيخ القبيلة تحكمهم وهي حاليا متمثلة في شخص العقيد القذافي , لكن ليبيا دولة نفطية تعتبر احد اركان منظمة اوبك , وبسرعة وضمن فورة الثورة في تونس ومصر قررت مراكز الدراسات الغربية وخاصة الاميركية والبريطانية والفرنسية الاستفادة من هذه الفرصة لاسقاط العقيد القذافي الصديق الحميم لايطاليا , لقطع الطريق امام الايطاليين في الحصول على المزيد من الاستثمارات هناك , وتحويلها الى الطرف الاخر , والاسباب السرية اكثر من ذلك لكننا لن تخوض بتفاصيلها الان لان الحديث ليس عن ليبيا ولكن حال الامر يفرض علينا التطرق لمثل هذه الامور .

ننتقل سريعا الى اليمن , يمن الثورة كما يرفع في شعارات تمردها
اليمن ومنذ اتحاد شطريها الجنوبي والشمالي , لم تهدأ , وبقيت محاولات الانفصال من قبل الجنوبيين قائمة لكن الرئيس صالح استطاع ان يسيطر على الموقف هناك ويضبط الامور لصالح الوحدة اليمنية , والانفصال حاليا هو امر مطروح في اليمن في تداعيات ما بعد الثورة , هذا اولا .

ثانيا وكلنا نعرف بوجود تنظيم القاعدة في الصومال واليمن , ومحاولته فرض وجوده كأمر واقع وتثبيت اقدامه , رأت السياسة الاميركية خطورة مثل هذا الامر , وخصوصا ان اليمن والصومال كلاهما يتحكمان بشكل او بأخر بمضيق باب المندب , هذا المنفذ البحري الاستراتيجي الذي سيخسره الغرب في حال سيطرت القاعدة على هاتين الدولتين فقررت اثارة الفوضى في اليمن لمحاولة ايجاد قدم عسكرية لها لفرض السيطرة عليها لانها ليست بوارد خسارة منفذ استراتيجي اخر , فهي تشعر بالتهديد من قبل الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تشرف وتسيطر على مضيق الخليج العربي , وهو ما يشكل كابوسا للغرب في حال خسارتها لمضيقين استراتيجين هامين يعتبران من اهم الممرات الاقتصادية التي تدعم الغرب وتؤمن اتصاله السريع بقواعده العسكرية الموجودة في المنطقة .

اما في سوريا ,,, وهو محور حديثنا الان ,,, فلا احد ينكر وجود مظاهر حراك شعبي تطالب بالاصلاح ,,, وقد تمت الاستجابة لها جميعها من قبل النظام منذ بداية الاحداث ,,, لكن لسبب او لاخر ,,, استمرت هذه الحالة الفظيعة من التمرد في الشارع السوري ,,,  حيث سنتحدث عنها بالتفصيل ,,, حيث لاحظنا فعلا وجود مؤامرة بشكل كبير يستهدف الموقف السوري والقيادة السورية الممانعة والتي تقف في وجه المخططات الصهيونية في المنطقة , والتي تدعم ايضا قوى واحزاب مقاومة وهي ما يقلق نوم العدو الاسرائيلي ويجعله يشعر بشبح الوجود السوري الممانع وحاجته الى وجود نظام في السلطة كنظام كامب ديفد يخضع لقراراته واملاءاته التي تقتضي منه العمل على اصدار حكم بالاعدام على القضية الفلسطينة من خلال القرارت التي سوف تصدر عن النظام السوري الموالي لها , وهو ما تفقده في نظام الرئيس بشار الاسد الحالي .
من هذه الفكرة وضمن موجة التغييرات التي تشهدها المنطقة العربية , وفي ظل سقوط نظامين عربيين في فترة قصيرة جدا , قررت مراكز الدراسات الغربية ان هذه المرحلة هي اللحظة المناسبة لاسقاط النظام السوري والاتيان بنظام موال لها ويأتمر بأوامرها , وبدأت العمل فعليا على مثل هذه الامور حيث قامت بأجيج الحراك الشعبي السوري , الذي كان له مطالب محقة في بداية خروجه للشارع , وتم تلبية كل مطالبه واكثر مما توقع في زمن قياسي , فقد تم رفع حالة الطوارئ والغاء محكمة امن الدولة , تم صياغة قانون جديد للاحزاب والانتخابات , يتم الان البحث في امكانية تعديل الدستور او تغييره , والعمل على الغاء المادة الثامنة من الدستور وجميع المواد المتعلقة بها , والكثير من المطالب السياسية التي تم المطالبة بها تم تحقيقها بما لا يدع مجالا للتظاهر تحت اي شكل من الاشكال .

لكن على اعتبار ان السياسة الاميركية تريد تغيير النظام في سوريا وليس فقط القيام بأصلاحات سياسية , لان هذا هو اخر همها , كان لابد من القيام ببعض الاعمال التي تمهد الطريق لتغيير النظام السوري , فكان ما كان وجرى ما جرى .
سنناقش اليوم تداعيات الازمة السورية منذ بدايتها ونحللها ونرصد اخطائها بما يدعم نظريتنا القائلة بوجود مؤامرة ضد الشعب والنظام في سوريا , فدعونا نعود الى بداية الاحداث في سورية , اي الى الخامس عشر من اذار , حيث انطلقت شرارة الاحتجاجات الشعبية في الجنوب السوري في محافظة درعا , التي هي محافظتي التي خرجت منها انا , والتي استغربت من اهلها ما بدر منهم , فقد تفاجأت كثيرا بأنها اصبحت منطلق الثورة في سوريا , فالكل كان يرجح ان تكون حلب هي مهد الثورة عندما كانت تدور الاحاديث عن مثل هذه الامور لو حصلت في سوريا , فأنا كما اعرف درعا , اعرف الكثير من سكانها البعثيين , المنتمين لحزب البعث العربي الاشتراكي , والذين ولسبب ما اجهله دعموا الثورة وبعضهم خرج بالمظاهرات , وانا لا اريد ان أخون او اطعن في وطنية احد , فكل منا يرى المواطنة من منظاره الخاص , ولكن جرى ما جرى وخرجت المظاهرات .
الكل يتكلم عن ان اصل خروج المظاهرات في درعا هو قيام السلطات باعتقال عدد من الاطفال لقيامهم بكتابة عدد من العبارات على جدار المدرسة , و سنناقش هذا الموضوع الخطير الذي كان سابقة عهدها في سوريا , فالكل يعلم اننا في دولة يحتل الجانب الامني فيها حيزا كبيرا وليس من السهل التطاول على النظام , فهناك الكثير من المشاكل التي تعترض مثل هذا الشخص , فقد شاهدت بعض الصور لما يفترض انه كتابات هؤلاء الاطفال الذين يقال ان عمرهم 13 و 14 عاما , وقد رأيت هذه الصور , وهي كما رأيته , مكتوبة بخط يد رائع جدا , وعلى كامل الجدار .
 وهنا نقاشنا الاول : الخط المكتوب لا اعتقد انه لطفل عمره 13 عاما فهو خط منمق جميل رائع , ومن كتبه اخد راحته وكل الوقت ” وهنا يفترض ان يتم كتابتها بسرعة حتى لا يكشف امر من كتبها وخاصة وانه معروف اننا في سوريا لا تهاون ابدا في مثل هذه الامور , مارس ما شئت لكن لا تقترب من السياسة ان لم تكن اهلا لها .
 نقاشنا الثاني يقول : ان طفلا بعمر 13 عاما فإن متوسط طوله سيبلغ 140 الى 150 سم وباحسن الاحوال 160 سم , اما طول سور المدرسة فهو بأدنى حد يبلغ 200 سم وفي بعض المواقع يبلغ اكثر من ذلك , ومن خلال الصورة التي رأيتها لاحظت ان الكتابة على الجدار قد بدأت من اعلاه الى اسفله , وهذا يعني ان من قام بالكتابة هو شخص طويل القامة , اي انه ليس بطفل عمره 13 او 14 عاما , والصورة موجودة على احدى المدونات المعروفة باسم جدران بيروت , لن اضع الصورة هنا لانه لا يشرفني ذلك , المهم ان هذا الموضوع مشكوك بأمره , اي ان الاطفال من قاموا بكتابة العبارات كلها او بعضها .
 نقاشنا الثالث هو عن موضوع كتابة الاطفال لهذه العبارات بحد ذاته , طفل في مثل هذا العمر يخرج ليكتب هذه العبارات , لم اكن اعلم ان الاطفال السوريين يملكون كل هذا الحس من السياسة ودهاليزها ويعرفون ما يعني اسقاط النظام ويطالبون به , لكن الشيء الاكيد منه ان هؤلاء الاولاد لم يخرجو من تلقاء نفسهم , فهناك من حرضهم على كتابة مثل هذه الامور , وانا اوجه اصابع الاتهام نحو ذوي هؤلاء الاطفال , الذين دفعوهم لكتابة مثل هذه العبارات لعدد من الامور ابرزها : انه في حال تم اعتقالهم فسيتم الافراج عنهم بعد فترة قصيرة ” على اعتبار انهم اولاد ولا يعرفون ما يعني تصرفهم , فهم مجرد مقلدين لما يشاهدون على التلفاز ” وثانيا حتى لو تم اعتقالهم واحتجازهم وحتى محاكمتهم , فهم سيبقون احداث ” اي ان مدة احتجازهم وطبيعتها ونوعية الحكم الصادر بحقهم لن تكون كما هو الحال لو تم اعتقال شخص راشد قد قام بكتابة هذه العبارات ” , ثالثا وبما انهم اطفال سيتم حشد الرأي العام لقضيتهم واكسابها طابعا مغايرا لما هو مخطط له اساسا .
 النقاش الرابعهو الحملة الاعلامية الشديدة على ما يسمى الثورة السورية , واعطائها اكثر من حجمها الطبيعي , فالفضائيات العربية والاجنبية ” وهي في الغالب محطات تتبع لدول معينة

لها استراتيجيات معينة , وما يذكر عن استقلالية هذه المحطات ونزاهتها فضعه جانبا عزيزي القارئ , لان هذه المحطات لها ممولين معينين لهم استراتيجية سياسية معينة فالجزيرة القطرية تتبع لممولها وهي الدولة القطرية , وكلنا نعرف اين اصبحت قطر الان من انزلاقها في الخط الصهيوني ومسار كامب ديفد , العربية القناة السعودية  ومعرف طبيعة الخلافات السورية السعودية المتعلقة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري , قناة الحرة ” الاميركية ” البي بي سي والفرانس برس والسي ان ان وغيرها الكثير من القنوات الاجنبية التي تعتمد في تمويلها على دافعي الظرائب من مواطني هذه الدول , والتي سوف تقوم ببث وجهة نظر هذه الدول من الموقف السوري , الكثير من قنوات الفساد الديني التي تتخذ من الدين ستارا لها , وهي قنوات تحريضية تحرض على النزاع الطائفي , احد هذه القنوات المسماة قناة وصال التي يملكها شيخ الدين عدنان العرعور , ومعروف من هو العرعور وماهو سجله الامني في سوريا . ” مفارقة هنا عن عدنان العرعور الذي يقول بأن الدين الاسلامي دين سمح ولا توجد لديه مشكلة مع الطوائف الاخرى – هذا حسب كلامه سابقا – الافت هنا هو مشاهدتي لصورة له على موقع الفيس بوك على الصفحة الرسمية له وقد توسطها عنوان كبير جدا وهو ” قاهر الرافضة والمجوس ” وهو هنا يقصد الشيعة  – مفارقة غريبة جدا كيف يتغنى بشئ وشعاره مناقض تماما لما يقوله – او بالاحرى كان يقوله – ” , ولا نريد الابتعاد كثيرا عن نقاشنا وهو التجييش الاعلامي الذي تشهده هذه الثورة , التقارير الاعلامية والتحقيقات الصفحية التي يعجز المتابع عن احصائها وما تحويه هذه التقارير على كذب وتلفيق ” وهذا ليس بشهادتي انا ولكن بشهادة اشهر وكالة انباء عالمية وهي وكالة رويترز حيث قامت رويترز بالاعتذار ثلاث مرات لثلاث قنوات فضائية لتزيدها مقاطع فيديو على اساس انها لمظاهرات في سوريا تبين لاحقا انها حدثت في لبنان , ثم اعتراف رويترز نفسها بعد زيارتها لمدينة درعا بأن ” الجامع العمري لم تخترقه رصاصة ” على حد وصفها بينما كانت القنوات الاعلامية تنقل الصورة وكأن الجامع العمري صار ركاما على الارض من شدة ما قصف بمدفعيات الجيش السوري على حسب وصفهم , والكثير من مقاطع الفيديو التي بثتها الكثير من القنوات لامور حدثت في اليمن او ليبيا او العراق او البحرين على اساس انه يحدث في سوريا , والكثير من الصور التي تم تركيبها على الانترنت لما يخدم هذه الامور , وكلنا نعرف ذلك وشاهدناه , ورأينا المقاطع الاصلية للاحداث وكيف تم اعادة استخدمها لاحقا , او ان يتم استخدام نفس المقطع في فترات زمنية متباعدة لافتقارهم الى ماهو حديث من المظاهرات .
النقاش الخامس هو نقاش شهود العيان وما اكثرهم واكثر زلات لسانهم ووقوعهم في الاخطاء القاتلة التي تبين انهم ليسو شهود عيان بالمطلق ثم كذب هؤلاء الشهود بأمور كثيرة جدا , وانزلاقهم في بعض الاتصالات بما لا يجب الحديث عنه , فأحد الشهود العيان الذي كان يتحدث من درعا في فترة كانت الاتصالات مقطوعة عن المحافظة كلها , ليقول على قناة الجزيرة انه يقوم بالاتصال بهذة القناة من خلال هاتف الثريا الذي اعطته اياه القناة , وهذا الكلام مسجل وموجود في الارشيف ويمكن للجميع التأكد منه , كما ان الكثير منهم ليسو موجودين في سوريا وخير دليل هو شهادة احد اهل هذه المحطات التي تبث كذبهم وهو الاعلامي غسان بن جدو الذي اكد انه يعرف ان الكثير ممن اتصلو بصفة شاهد عيان هم خارج سوريا اصلا , وان شهاداتهم كاذبة , والمحطات فقدت مصداقيتها من هذه الناحية , كذلك الحديث عن بعض الاشخاص الذين توفوا نتيجة اسباب معينة قامت هذه القنوات بالحديث عن انهم توفوا نتيجة التعذيب على ايدي قوات الامن السورية وهو ما نفاه اهالي هؤلاء الاشخاص من خلال بعض اللقاءات التلفزيونية .

النقاش السادس هو محاولة ضعضعة صفوف الجيش العربي السوري من ناحية الكلام بشكل مكثف عن حدوث انشقاقات فيه , وهو الامر الذي لا ننكره , لكن لنتذكر انها لا تتعدى كونها حالات فردية فقط ولا تشمل فرق او تشكيلات كاملة كما حدث في ليبيا او اليمن , فالجيش العربي السوري قوام تعداده اكثر من 500 الف عسكري بينهم 100 الف ضابط , وان انشقاق 15 او 20 او حتى 1000 ضابط ومجند لا يعني بالظرورة انشقاق الجيش ” ورقم 1000 هو رقم انا افترضته لعدم معرفتي بالعدد الحقيقي لكن اعتقد بعدم تجاوز عدد العسكريين المنشقين لاكثر من 100 شخص فقط , فالعقيدة العسكرية مازالت متماسكة ومحافظة على كيانها , فالحديث عن انشقاق الجيش هو هرطقة اعلامية فاشلة يجب ان تتوقف .
 النقاش السابع هو الاعمال التخريبية التي تحصل , استهداف للمبانئ والمنشأت الحكومية ” سنعتبر ان الهجوم على مقرات الحزب هو نوع من الرفض له لكن ما هو مبرر الهجوم على المنشأت الحكومية العامة مثل مباني الجمارك وامانات السجل المدني والمحاكم وشعب التجنيد والمشافي وحتى سيارات الاسعاف لم تسلم منهم ” فلو عدنا بالتاريخ الى احداث مصر وتونس نلاحظ ان هجومهم على المباني اقتصر فقط على مباني الحزب الحاكم , ولم يهجم احد على المنشأت العامة والحكومية على عكس ما يقوم به المتمردون السوريون الذين حاولوا تفجير مصفاة بانياس النفطية والذي على حسب قولهم سيشكل نوع من الضغط على السلطات لتحقيق مطالبهم متناسين انهم سيكونون اول المتضررين منه ” فهم لو استطاعو جدلا اسقاط النظام فإن اعادة اعمار هذه المنشأت سوف يتم على حساب الشعب كله والذين هم جزء منه ” ثم قاموا بعد ذلك بقطع الطرق الدولية واقامة الحواجز عليها بهدف ترويع المسافرين , الذين سيخافون بالتأكيد , ولكن الاكيد اكثر هو ان هؤلاء المسافرين لن يعودوا مما يعني الاضرار بالقطاع السياحي احد اهم اعمدة الاقتصاد السوري , ثم اخيرا ما شاهدناه من محاولة تفجير القطارات وهو الامر المرعب جدا لولا رحمة الله وحمايته للركاب .

النقاش الثامن هو نقاش القوى البشرية والمؤيدين للثورة وعددهم وتوزعهم , وهو الامر المضحك جدا جدا فمصر وتونس قد استطاعتا وبخلال اسبوعين حشد الملايين من الثوار في الميادين الرئيسية في العاصمة ” اؤكد هنا على موضوع العاصمة ” التي لم يستطع هؤلاء المتمردين حتى الان من ان يجمعو اكثر من مئة الف شخص ويتظاهروا لاكثر من ربع ساعة او يتجمعوا في احدى الساحات وكذلك بقية المدن , لكن ما نلاحظه هنا في سوريا هو غياب للمتضاهرين بأرقام واعداد كبيرة , طبعا اذا استثنينا محافظة حماة والتي كان اكبر خروج للمتظاهرين فيها على حسب رأي بعض القنوات هو بقرابة النصف مليون ما يعني خروج اكثر من ثلثي سكان محافظة حماه وهو امر من غير المقبول مناقشته من الناحية المنطقية والعقلية بداية ثم من ناحية الساحة التي استوعبت نصف مليون متظاهر حيث ان اكبر ساحات حماه هي ساحة العاصي التي يتجمع فيها المتظاهرون لن تتسع بأحسن احوالها الى اكثر من 100 الف ولو فرضنا ان المتظاهرين استغلو الطرقات المؤدية اليها سنضاعف الرقم ليصل الى 200 الف في اقصى حالاته وهو ما يقودنا للشك في حقيقة نصف مليون حماه , وكذلك الامر بالنسبة لبقية المناطق , فلو دققنا في الصور ومقاطع الفيديو التي تبث عن التجمعات نجدها غير واضحة المعالم ولا تظهر الحجم الحقيقي للمظاهرة لتركيزها على منطقة واحدة منه فقط وهو ما يدفعنا للشك بأن هذه المنطقة وهذه الارقام في فقط قوام المظاهرة التي تسقط عنها قول مظاهرة بالاف لتصبح مضاهرة بالمئات او العشرات حتى , وردائة التصوير كذلك الامر يجعلنا نشك في الاعداد , لانه ليس من العجز بمكان ان يشتري المتظاهرون كاميرا لتصوير الفيديو بأمكانات جيدة تمكنهم من ارسال الصور , لكن خوفهم من انكشاف واقع اعدادهم القليلة هو ما يمنعهم من ذلك , لذلك يلجأون الى استخدام الكاميرات المدمجة في اجهزة الخليوي ذات الدقة المنخفضة , ثم كتاباتهم هم انفسهم في مواقعهم الالكترونية , فمن خلال ملاحظاتي لمواقعهم انهم يتجنبون الحديث عن الارقام التي خرجت في المظاهرات بل يتوجهون لتعداد المواقع التي حصلت فيها مظاهرات فيذكرون مثلا دمشق 45 موقعا ويقومون بذكر هذه المناطق دون ذكر الاعداد التي خرجت لانها مضحكة ” وانا سأخربكم عن مظاهرة خرجت من احد المساجد بعد صلاة الجمعة وقد كنت مذهولا جدا من عشرات الالاف التي خرجت تطالب بأسقاط النظام فيما لو تم تصوير هذه المظاهرة وبثها على الفضائيات , فقد خجلت من نفسي لهذا العدد الذي لم يتجاوز فقط 8 اشخاص , ثمانية فقط , تصوروا هذا العدد الهائل لعدد المتظاهرين ” ثمانية فقط ” , هذا فيما يختص عدد المتظاهرين وعند خروج احد المظاهرات المؤيدة للنظام يقوم هؤلاء بالنباح على القنوات وفي وسائلهم الاعلامية بأن هؤلاء هم غالبيتهم من الامن والشبيحة على حسب تعبيرهم , ولكن ماذا عن خروج مسيرة مؤيدة للنظام وداعمة له بتاريخ الحادي والعشرين من حزيران والتي كانت اعدادها بالملايين في المحافظات ؟ , خرجوا علينا بنغمة جديدة ان هؤلاء الذين خرجوا خرجوا مجبرين فقد اجبرهم الامن على الخروج وجاءتهم تحذيرات بأن من سيتغيب سوف يتم الحسم من مرتبه الشهري ” وهو امر سننافشه ايضا ” وغير ذلك من المبررات الواهية الكاذبة التي لا نتمالك انفسنا الا من الضحك عليها .
 النقاش التاسع هو خوف المتظاهرين وجبنهم وهو ما ثبت من خلال احاديثم ومبرراتهم , فهم يقولون انهم يهربون بمجرد مشاهدتهم لقوى الامن والجيش تقوم بالانتشار في اماكن تواجدهم , وهو ما يدفعنا للشك بأنهم فعلا متظاهرون ولديهم مطالب محقة , فصاحب الحق لا يخاف ويدافع عن مطلبه حتى الموت , مظاهرات تونس ومصر كنا نشاهد فيها الكثير من حالات الاعتداء من قبل الامن على المتظاهرين , الا ان هذا لم يزدهم الا اصرار وعزيمة على تحقيق مطالبهم , وهو ما ينقص المتظاهرين في سوريا حيث يثبتون بالدليل القاطع جبنهم وخوفهم , وسنعود لما ذكرناه قبل قليل من حجج المتظاهرين بأن الامن اجبرهم على الخروج وتهديدهم بالحسم من المرتب الشهري , هنا نلاحظ وقاحتهم الكبيرة جدا , فلو ان هذا الكلام صحيح فيجب عليهم عدم الخروج في مسيرات التأييد بل يجب عليهم الرفض والتظاهر ضد النظام لانه قام بحسم مرتباتهم دون وجه حق وان قوى الامن اجبرتهم على الخروج وهم اضطروا للخروج درءا للمفسدة على حد تعبيرهم , وهذا ان دل على شيء يدل على الخوف الموجود داخلهم والذي يمنعهم من التظاهر , هذا الامر الذي يدفعنا للشك بأن ما نشهده في سوريا هو ثورة , لكنه كما قلت لكم هو تمرد مسلح , فالثائر لا يخاف والثائر ليس من شيمه الجبن , لكن الثائر من وضع دمه على كفه وسار بها , وهو ما يفتقده المتمردون في سوريا , منذ فترة سمعت احدى المقولات التي اعجبتني والتي تقول ” هناك فرق بين الثورة والتمرد , الثورة للاحرار اما التمرد فهو للعبيد ” اجل العبيد , هؤلاء في سوريا عبيد للمال , عبيد للخارج , طامعين للسلطة , هم عبيد سلطة , وليسوا ثوارا ابدا , فالثائر حر , الثائر شريف ,,, الثائر يناظل لتحقيق مطلبه دون خوف .
 النقاش العاشرهو المجتمع الدولي وهو ما شاهدنا انقساما له فيما يخص الوضع في سوريا , على عكس جميع الحركات الثورية او التمردية في الوطن العربي , ففي ليبيا واليمن وتونس

ومصر كان هناك اجماع دولي على ضرورة تغيير النظام هناك , لكن ما نشهده في سوريا مغاير تماما , الولايات المتحدة وفرنسا تطالب بالقيام باصلاحات ” لاحظوا اصلاحات وليس تغير النظام ” بريطانيا مواقفها خجولة ولم تصرح بشكل رسمي ذو تأثير خارج الدعوة في مجلس الامن لقرار ضد سوريا , تراجع اميركا عن تصريحاتها الاخيرة والقول بأن ما يحدث في سوريا هو شأن داخلي ولن نتدخل فيه وعلى السوريين حل مشاكلهم , قائد قوات حلف الناتو يقول ان الحلف لن يتدخل عسكريا في سوريا , ورسيا والصين التي تصرحان بشكل رسمي وغير قابل للنقاش او التأويل على لسان كبار قادتها من رئيس الدولة ورئيس الوزراء بأنهم سوف يستخدمون الفيتو ضد اي قرار فيما يخص سوريا , الهند وجنوب افريقيا ولبنان والبرازيل الدول الاعضاء حاليا في مجلس الامن تقول انها ستعترض على اي قرار ضد سوريا , وعدم قدرة مجلس الامن على استصدار اي قرار ضد سوريا معتبرا ان هذا شأن داخلي , لا ننسى الدعم الايراني الكبير لسوريا , جميع هذه المواقف تفيد فيما لو حاولنا تفسيرها بأن على السوريين ان يحلو مشاكلهم بأنفسهم , وهو ما قد بدأت السلطات فعلا بتحقيقه , وتنفيذ وعودها بالاصلاح , رغم وجود عدد من الاصوات التي تنعق وتقول بأنها ستسقط النظام .
النقاش الحادي عشر وهو غياب التوازن بين قوة المتظاهرين وقوة الدولة , في مصر وتونس وقف الجيش الى جانب الشعب ضد النظام وهو ما اعطى الشعب الشرعية والقوة المطلقة , في ليبيا الجيش منقسم والبلاد منقسمة نصف الجيش مازال مع العقيد القذافي والنصف الاخر انضم الى  تمرد الشعب , فأصبح تمردا مسلحا وجب القضاء عليه , ورغم ذلك مازال العقيد القذافي يصارع المتمردين مع خسارة نصف الجيش ونصف ليبيا , في اليمن كذلك الامر نصف الجيش ونصف الشعب , بين تأييد للنظام ومعارضة له , اما هنا في سوريا , فمازال كل الجيش وغالبية الشعب مع النظام , وهؤلاء المتمردين يحاربون الجيش المدجج بالسلاح باساليب تدعو للضحك ,,, بجابهون الجيش بالحجارة مثلا , وبنداءات للتكبير باسم الله , معتقدين ان الله سينصرهم فقط لمجرد ذكر اسمه , وهو ما يستحيل دون الاخذ بالاسباب , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعقلها وتوكل . وهم هنا لا يعقلون ولا يتوكلون , ومن معه سلاح منهم فهو سلاح فردي غير فعال هذا في حال اعتبرنا ان الشعب كله ثائر في سوريا , فالشعب تنقصه القوة لمواجهة الجيش , لكن هذا غير صحيح فالشعب مازال ملتفا حول القيادة والنظام والجيش مازال متمسكا بعقيدته بعيدا عن الانشقاقات .
هذه هي نقاشاتنا لموضوع الثورة السورية او التمرد السوري , لكن ما يجب ان ننوه له ونتذكره , اولا هو ان المظاهر المسلحة سوف تختفي من الشارع , لكن يجب علينا الصبر قليلا واعطاء الجيش وقته لانهاء هذه المظاهر , ثانيا يجب ان نعي تماما اننا متجهون نحو تعددية سياسية تفرض علينا شأنا ام ابينا اختلافات في الرؤى والمواقف , هذه الاختلافات يجب ان تكون طريقنا لحياة ديمقراطية افضل , لا ان تكون بابا للخلاف والشقاق , كما حدث مع كثير منا في بداية هذه الازمة , حيث خسر الكثير منا اصدقاءه نتيجة اختلاف وجهات النظر , فنحن سنبقى اولا واخيرا ابناء هذا الوطن واصدقاء العمر , يجب علينا ان نحكم العقل اكثر في هذه المسائل

شاركنا بتعليقك